responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 72
فَلَا يَكْفِي اعْتِرَافُهُمْ وَحْدَهُمْ أَوْ فِي خَلَوَاتِهِمْ، فَالتَّوْبَةُ هُنَا الْإِيمَانُ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ
كِتْمَانِهِمُ الشَّهَادَةَ لَهُ الْوَارِدَةَ فِي كُتُبِهِمْ وَإِطْلَاقُ التَّوْبَةِ عَلَى الْإِيمَانِ بَعْدَ الْكُفْرِ وَارِدٌ كَثِيرًا لِأَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ تَوْبَةُ الْكَافِرِ مِنْ كُفْرِهِ، وَإِنَّمَا زَادَ بَعْدَهُ وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا لِأَنَّ شَرْطَ كُلِّ تَوْبَةٍ أَنْ يَتَدَارَكَ التَّائِبُ مَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ مِمَّا أَضَاعَهُ بِفِعْلِهِ الَّذِي تَابَ عَنْهُ. وَلَعَلَّ عَطْفَ وَبَيَّنُوا عَلَى أَصْلَحُوا عَطْفُ تَفْسِيرٍ.
وَقَوْلُهُ: فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لِغَيْرِ بَيَانٍ بَلْ لِفَائِدَةٍ جَدِيدَةٍ لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَثْنَى الَّذِينَ تابُوا فَقَدْ تَمَّ الْكَلَامُ وَعَلِمَ السَّامِعُ أَنَّ مَنْ تَابُوا مِنَ الْكَاتِمِينَ لَا يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ، وَجِيءَ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ مُسْنَدٌ إِلَيْهِ يُمَثِّلُ النُّكْتَةَ الَّتِي تَقَدَّمَتْ.
وَقُرِنَتِ الْجُمْلَةُ بِالْفَاءِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى شَيْءٍ زَائِدٍ عَلَى مَفَادِ الِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ أَنَّ تَوْبَتَهُمْ يَعْقُبُهَا رِضَى اللَّهِ عَنْهُمْ.
وَفِي «صَحِيح البحاري» [1] عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلِ نَزَلَ مَنْزِلًا وَبِهِ مَهْلَكَةٌ وَمَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ نَوْمَةً فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ رَاحِلَتُهُ حَتَّى اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْحر والعطش أَو [2] مَا شَاءَ اللَّهُ، قَالَ أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِي فَرَجَعَ فَنَامَ نَوْمَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَإِذَا رَاحِلَتُهُ عِنْدَهُ» .
فَجَاءَ فِي الْآيَةِ نَظْمٌ بَدِيعٌ تَقْدِيرُهُ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا انْقَطَعَتْ عَنْهُمُ اللَّعْنَةُ فَأَتُوبُ عَلَيْهِمْ، أَيْ أَرْضَى، وَزَادَ تَوَسُّطُ اسْمِ الْإِشَارَةِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى التَّعْلِيلِ وَهُوَ إيجاز بديع.
[161، 162]

[سُورَة الْبَقَرَة [2] : الْآيَات 161 إِلَى 162]
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161) خالِدِينَ فِيها لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (162)
اسْتِئْنَافُ كَلَامٍ لِإِفَادَةِ حَالِ فَرِيقٍ آخَرَ مُشَارِكٍ لِلَّذِي قَبْلَهُ فِي اسْتِحْقَاقِ لَعْنَةِ اللَّهِ وَاللَّاعِنِينَ وَهِيَ لَعْنَةٌ أُخْرَى.
وَهَذَا الْفَرِيقُ هُمُ الْمُشْرِكُونَ فَإِنَّ الْكُفْرَ يُطْلَقُ كَثِيرًا فِي الْقُرْآنِ مُرَادًا بِهِ الشِّرْكُ قَالَ تَعَالَى: وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ [الممتحنة: 10] ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَدْ قُرِنُوا سَابِقًا
مَعَ أَهْلِ الْكِتَابِ

[1] أخرجه البُخَارِيّ فِي: (80) «كتاب الدَّعْوَات» (4) ، «بَاب التَّوْبَة» ، حَدِيث (6308. انْظُر «فتح الْبَارِي» (11/ 102) .
[2] فِي المطبوعة وَاو الْعَطف والتصويب من الْمصدر السَّابِق. قَالَ ابْن حجر: «أَو، شكّ من أبي شهَاب» .
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 72
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست